أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق. كنّاھا الرسول
الكريم بأم عبد الله.
ولدت في مكة المكرمة بعد البعثة النبوية بأربع سنوات..
وأكثر نسائھ تلقياً للعلم عنھ، وأعلم الناس بتعاليم الإسلام.
قال الزھري: (لو جُمع علم عائشة إلى علم جميع أمھات
المؤمنين وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل).
تزوجھا رسول الله صلى الله عليھ وسلم في شوّال من
السنة الثانية للھجرة وھي بنت تسع سنوات، وھي البكر
الوحيدة بين زوجاتھ صلى الله عليھ وسلم، وھي زوجتھ في
الدنيا والآخرة كما ثبت في الصحيح، وكانت أحب نسائھ
إليھ.. يلاعبھا ويداعبھا ويسابقھا ويُظھر لھا الحب، وذات
يوم سأل عمرو بن العاص (رضي الله عنھ) النبي صلى الله
عليھ وسلم: (أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال:
عائشة. قال: فمن الرجال؟ قال: أبوھا) متفق عليھ.
وعندما مرض رسول الله صلى الله عليھ وسلم بعد عودتھ
من حجة الوداع، وشعر بدنو الرحيل، استأذن زوجاتھ أن
يمرّض في بيتھا، وبقي عندھا حتى توفاه الله ودُفن في
حجرتھا، ثم دُفن بجانبھ والدھا أبو بكر الصديق، ثم عمر
بن الخطاب. وبعد وفاة الرسول الكريم كان الصحابة إذا
تعسّرت عليھم مسألة في أمور الدين، يأتون إليھا، لأنھا
كانت أفقھ نساء الرسول وأكثرھن علماً، وكانت تحفظ من
أشعار العرب وأخبارھم الشيء الكثير.. اشتھرت بالفصاحة
والبلاغة، وكثرة الصوم والتھجد والصدقات.
تحدثنا أمنا (رضي الله عنھا) فتقول: "إن من نعم الله عليّ
أن رسول الله صلى الله عليھ وسلم توفي في بيتي، وفي
يومي وبين سَحْري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقھ
عند موتھ، حين دخل عليَّ عبد الرحمن (أخي) وبيده
السواك، وأنا مسندة رسول الله، فرأيتھ ينظر إليھ وعرفت
أنھ يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسھ أن نعم.
فتناولتھ فاشتد عليھ، فقلت: أُلِّينھ لك؟ فأشار برأسھ أن نعم.
فقضمتھ ونفضتھ وطيبتھ، ثم دفعتھ إليھ، فجمع الله بين
ريقي وريقھ في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة).
كانت (رضي الله عنھا) أكثر أمھات المؤمنين رواية
للحديث، روت عن الرسول الكريم 2210 منھا 316 في
صحيح البخاري ومسلم.
توفيت (رضي الله عنھا) ليلة الثلاثاء في السابع عشر من
رمضان من السنة السابعة للھجرة, وأوصت أن تدفن
بالبقيع ليلاً، فصلّى عليھا أبو ھريرة بعد صلاة الوتر، ونزل
في قبرھا عبد الله وعروة (ابنا أختھا أسماء) والقاسم وعبد
الله (ابنا أخيھا محمد) وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي
بكر، وكان عمرھا سبعاً وستين سنة.
رضي الله عنھا وأرضاھا، وجمعنا الله بھا في الفردوس
الأعلى بإذنھ تعالى.