القاديانية: دين جديد مزيَّف ومزور، يُعرف أتباعه كذلك: بالأحمديين، وبالجماعة الإسلامية الأحمدية، وقد أسَّسه شخص يُدعى: "الغلام ميرزا أحمد القادياني"؛ نِسبة إلى بلدته "قاديان"، وقد هلَك بمرض "الكوليرا" في عام 1908، وهو شخصية غامضة، قلِقة، يحوم حولها كثير من التساؤلات والحَيرة، وقد ظهَرت دعوة هذا الدَّعي - الذي كان مغمورًا - في زمن الاستدمار الإنجليزي في بلاد الهند، فأحاطَته "بريطانيا العظمى" بعنايتها ورعايتها، ثم كلَّفته بالعمل لحسابها كبوقٍ يُطلِق الفتاوى السَّمجة الكاذبة الخاطئة، التي تُحرِّم جهاد المستعمرين الكفرة، وتَفرض موالاتهم، وتقديم فروض الطاعة لهم، حتى وإن أدَّى ذلك إلى قتال المسلمين من أجْلهم، ومقابل تلك الأعمال الخطيرة والخبيثة التي قدَّمها لأسياده، سهَّلت له سُبل الدعوة إلى أفكاره الكفرية، وتجاوز ذلك في بعض الأحيان إلى الدعم المادي والمعنوي، حتى انتشرت تلك الدعوة بين العوام، في الوقت الذي كانت فيه "بريطانيا" تمنع دعوة أهل السنة، وتَسلخ جلود علمائها وهم أحياء.
وقد تناوَلتُ في مقال سابق بعنوان: "القاديانية بين الكفر والخيانة"، خيانات هذه الديانة المنحرفة، والمعادية للإسلام والمسلمين، وبتوفيق من الله أذكُر في هذا المقال مختصرًا عن بعض أصول مُعتقَد هذا الدين الباطل، وفساد مسْلك الغلام، وبراءة الإسلام منه.
إن أُسَّ العقيدة الباطلة للديانة القاديانية الأحمدية، ادِّعاؤها أن زعيمها "الغلام ميرزا أحمد" نبي مُرسل ومسيح مُنتظر، وكان قبل ذلك يقول عن نفسه: إنه مُجدِّد، ثم ادَّعى في مرحلة ثانية أنه مُلهَمٌ، ثم في مرحلة ثالثة أنه المهدي المنتظر، وفي مرحلة رابعة أنه المسيح الموعود، وأخيرًا ادَّعى النبوة، وإن هذا التقلُّب والتذبذب والحَيرة في نفسه، لدليلٌ على كذبه وافترائه.
وقد استمرَّت حيرته في تحديد من يكون بالضبط، ويلاحَظ ذلك من ادعاءاته الكثيرة التي نجدها هنا أو هناك بين دفَّتي كُتبه وخُطبه، فقد زعَم مرة أنه من الأقطاب، وأن له مكاشفات مع الله، وأنه أفضل من الذين سبَقوه من الأولياء والأبدال والأقطاب؛ لأنه هو الوحيد الذي خصَّه الله بالنبوة!
وفي سنة 1904م ادعى "الميرزا الغلام" بأنه النزول الثاني "لكريشنا" الإله المقدس عند الهندوس، ويصف إله الهندوس بقوله: "إنه كان نبيًّا حقيقيًّا في عصره، وكان مليئًا بحب الله، وكان يصادق أعمال الخير، ويعادي أعمال الشر، وأن الله وعده بأنه سيُظهره في الأيام الأخيرة، وأن الله حقَّق وعده في شخصيتي أنا".
وفي سنة 1907م ادعى - أيضًا - أن الله قد ذكَره في القرآن في الكثير من الآيات، وزعم بأنه هو "ذو القرنين" المذكور في سورة الكهف، وأنه صورة آدمَ ونوح وإبراهيم، وإسحاق وعيسى ومحمد!
وأما ادِّعاؤه النبوة، فهو لم يأت بجديد، فقد سبَقه "بولس" مُحرِّف النصرانية، والأسود العنسي، ومُسيلِمة الكذاب وغيرهم، والصفة التي تجمع أولئك جميعًا: هو الادعاء الكاذب والجنون الصارخ، والنهاية المُذلة المُفجعة، وإن ظهور الغلام القادياني الأحمدي وادِّعاءه النبوة، لمن دَلالات إعجاز رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي قال: ((إن بين يدي الساعة كذَّابين))، وقال كذلك: ((يُبعث دجَّالون كذابون قريبٌ من ثلاثين، كلُّهم يزعم أنه رسول الله)).
وقد أجمَع المسلمون من أهل السنة والجماعة على أنَّ النبوة خُتِمت بمحمد - صلى الله عليه وسلم - والنصوص القرآنية والحديثية متواترة في ذلك؛ فقد قال - تعالى -: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 40]، وقال - جل جلاله -: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((كانت بنو إسرائيل تَسوسهم الأنبياء، كلما هلَك نبي، خلَفه نبي، وإنه لا نبيَّ بعدي)).
وقال - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: ((ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه ليس نبيٌّ بعدي)).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ذهبَت النبوة وبَقِيت المُبشرات))، قيل: وما المُبشرات يا رسول الله؟ قال: ((الرؤية الصالحة)).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن لي أسماءً؛ أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي، يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب، والعاقب الذي ليس بعده نبي)).
وهذا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - قد بُعِث إلى الناس كافة، وللبشر جميعًا، وشَمِلت دعوته الجن والإنس؛ قال - تعالى -: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]، وقال - جل جلاله -: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ [الأعراف: 158]، وقال - عز وجل -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ: 28].